الركراكي.. حامل آمال ملايين المغاربة في المونديال تحت شعار: "لن تسير أبدا وحدك يا وليد"
منتصب القامة يسير ناخبا وطنيا.."سير ..سير يا وليد"، كما يحلو له أن يسمعها اليوم على لسان ملايين المغاربة، قبل أيام قليلة من التوجه نحو مطار الرباط-سلا، لركوب الطائرة نحو العاصمة القطرية الدوحة، والمهمة قيادة المنتخب الوطني المغربي لسادس مشاركة له في نهائيات كأس العالم لكرة القدم.
وليد الركراكي، الذي سار على درب التألق، في فترة وجيزة، بقيادته فريق الوداد الرياضي البيضاري من أجل التتويج بلقب دوري أبطال إفريقيا والبطولة الاحترافية، كان قبل سنوات من ذلك، يمني النفس فقط في تحقيق الانتصار أمام "أحمر" أو "أخضر" الدار البيضاء، وهو ربان حينها لسفينة الفتح الرباطي.
علامة التميز في بدايات مشوار الإطار الفني، أشبه بقصة المميز البرتغالي جوزيه مورينهو في عالم التدريب، فمن كان ليتصور أن يفوز بورتو البرتغالي بلقب دوري أبطال أوروبا سنة 2004، كمن تنبأ للناخب الوطني الحالي أن يتوج رفقة الفتح بلقب البطولة الاحترافية سنة 2016، سنتين فقط بعد توليه مهام تدريب الـ FUS.
هكذا كان وليد أين ما حل، فحتى لما قرر خوض تجربة خليجية، غادر صوب قطر، ليتوج مع نادي الدحيل بسابع ألقابه المحلية، هناك حيث شاء القدر أن يعود الركراكي، سنتين بعد ذلك، من أجل قيادة منتخب بلاده الأول في نهائيات كأس العالم.. ما أجملها من قصة نجاح لشاب مهووس بكرة القدم بقدر ما أضحت "نمط حياة".
في بلدة صغيرة تدعى "Corbeil-Essnnes" ضواحي العاصمة الفرنسية باريس، رأى الركراكي النور، قبل 47 سنة، حيث بدأ يداعب الكرة شابا مع فريق "راسينغ كلوب" ثم تولوز وأجاكسيو، المحطة الأخيرة التي طبعها بالتتويج بلقب دوري الدرجة الثانية سنة 2002 رفقة جيل يقوده الإطار الفرنسي رولاند كوربيس.
في مذكرات شخصية، يروي الباحث الرياضي منصف اليازغي، عن إحدى الوقائع، بتاريخ 28 يناير 2001، حين كان رفقة المنتخب المغربي في مباراته بملعب القاهرة الدولي أمام منتخب مصر، في إطار تصفيات كأس العالم 2002 باليابان وكوريا الجنوبية.
يكتب اليازغي عن ذلك اليوم: "كان مدرب منتخب المغرب آنذاك هو البرتغالي هومبيرطو كويهلو، وحل المغرب بسطاد القاهرة محملا بتعادل من قلب ناميبيا وفوز دراماتيكي أمام الجزائر من قلب ملعب الحسن الثاني بفاس. ما فعله منتخب مصر حينها أمام رفقاء العميد نور الدين النيبت أقرب إلى الرعب، تسيدوا المباراة وكانوا الأقرب للفوز، وهي المباراة التي أصبحت ملازمة لتعليق المعلق المصري مدحت شلبي بعد تضييع المهاجم المصري طارق السعيد هدفا محققا بعد استفراده بالحارس ادريس بنزكري".
يتذكر اليازغي أنه "في اليوم الموالي للمباراة، توجهت رفقة مجموعة من الإعلاميين المغاربة إلى مبنى مؤسسة الأهرام، وكان اللقاء برئيس رابطة النقاد المصريين عصام عبد المنعم، وكان من الطبيعي أن نتحدث عن المباراة، وأتذكر بعد تحسره على التعادل وتحدثه عن رغبة المصريين الجامحة في حضور المونديال، قال العبارة التالية: عارفين أفضل حاجة كسبها منتخب المغرب غير نقطة التعادل..؟ كسب لاعب هو وليد الركراكي".
هكذا كان الركراكي في أول ظهور دولي له رفقة "الأسود"، قاوم فيها "إعصار"المصريين، في مباراة كانت تعرف وجود لاعبين من أمثال ميدو وحسام حسن وحازم إمام وطارق السعيد، حيث نجح وليد غير ما مرة في الخروج بالكرة صوب نصف الميدان، وكان بحق لاعب المباراة من الجانب المغربي، مظهرا انسجامه مع جوقة لاعب "مونديال 1998"، على غرار النيبت، كاماتشو، بصير، روسي وحجي، يضيف اليازغي في سرده للواقعة.
إلى غاية اعتزاله الدولي في يونيو 2009 بعد نهاية مباراة المغرب أمام الطوغو، لم يبخل الركراكي بأي قطرة عرق على القميص الوطني، إلا أن الحظ عاكسه في بلوغ ذروة المجد، حيث كان ملعب "رادس" مسرحا لمشهدين حزينين في القصة؛ خسارة نهائي "كان 2004" أمام تونس والتعادل الذي حرم "الأسود" من بلوغ نهائيات كأس العالم 2006 في ألمانيا.
إطارا فنيا، عاش الركراكي فترة الأزمة داخل منظومة المنتخب الوطني، حيث كان ضمن الطاقم التقني، مساعدا للناخب السابق رشيد الطاوسي، إلا أن المهمة توقفت عند خروج مبكر من نهائيات كأس أمم إفريقيا 2013 في جنوب إفريقيا.
اليوم، يقول الركراكي، إن "الهدف هو تكرار إنجاز مكسيكو 1986 ببلوغ الدور الثاني لنهائيات كأس العالم، سنبذل قصارى جهودنا لتحقيق ذلك وجعل بلدنا فخورا"، عبء إضافي على عاتقه قبيل صافرة انطلاقة المواجهة الافتتاحية أمام منتخب كرواتيا، في 23 نونبر الجاري، على أرضية ملعب البيت.
اقتباسا من سمفونية جماهير ليفربول الإنجليزي "بتصرف"، فأنت يا وليد تحمل معك إلى قطر آمال ملايين الشباب المغاربة، جلهم لا يعرف من ملاحم "المونديال" سوى ما روي له عن الآباء والأجداد أو ما لمحه بصره من إعادة للمباريات خلال فترة الحجر الصحي.."لن تسير أبدا وحدك يا وليد..خلفك جيل بأكمله متعطش للفرحة"